كومان- طموح ملك فرنسي سطع في سماء أوروبا

كينجسلي كومان، النجم الفرنسي اللامع في صفوف بايرن ميونخ، يعبر عن طموحه الدائم قائلاً: "أطمح دائمًا للعب في أعلى المستويات، وأن أكون ضمن صفوة اللاعبين على مستوى العالم". هذه الكلمات تعكس رحلة بدأت من حواري ضاحية فرنسية متواضعة.

في الثالث عشر من يونيو لعام 1996، أبصر النور كينجسلي كومان في مدينة الأنوار، باريس. والداه ينحدران من جزيرة جوادلوب الساحرة، المستعمرة الفرنسية الواقعة في أحضان المحيط الأطلسي والبحر الكاريبي، والتي تعد موطنًا لأكثر من 400 ألف نسمة، وقد أنجبت هذه البقعة الخلابة العديد من أساطير كرة القدم الفرنسية، أمثال: تيري هنري، وسيلفان ويلتورد، وليليان تورام.

الاسم "كينجسلي" يحمل قصة مؤثرة، ففي منتصف تسعينيات القرن الماضي، استوحى والداه هذا الاسم من مهاجر إفريقي غير شرعي، قرأ والده عنه في صحيفة "لو باريزيان". كان المهاجر يدعى كينجسلي، وكان يكافح للوصول إلى بر الأمان في أوروبا. كريستيان، والد اللاعب، أوضح أن هذه القصة لامست قلبه بعمق، وقد أعجب اسم كينجسلي زوجته كاتيا، لأنه يتوافق مع الأحرف الأولى من اسمها. وأشار إلى أنهم كانوا يلقبونه بـ "الملك" منذ نعومة أظفاره، دون أن يدركوا أنه سيتوج ملكًا على عرش كرة القدم.

بدأ كومان ممارسة كرة القدم في عام 2002 في نادي يو إس سينارت مواسي، بتشجيع حثيث من والده، كريستيان، المشجع المتعصب لباريس سان جيرمان. وفي عام 2004، التحق بأكاديمية الشباب المرموقة في باريس سان جيرمان. لعب أول مباراة احترافية له في السابع عشر من فبراير عام 2013 ضد سوشو، ليصبح بذلك أصغر لاعب يمثل النادي. وفي الثالث من أغسطس عام 2013، فاز مع الفريق بكأس الأبطال ضد بوردو.

ثم انتقل إلى يوفنتوس، حيث تعلم أساليب الكرة الإيطالية، وفي مدينة تورينو، اكتسب كومان الانضباط التكتيكي وازدادت قوته البدنية. كانت تلك الفترة مليئة بالتحديات بالنسبة له، حيث لم يكن يشارك بصفة أساسية بشكل منتظم، لكنه اكتسب خبرة ثمينة من التدرب مع لاعبين عظماء.

هذه الفترة ساهمت في تطوير مهاراته وتأهيله للمرحلة التالية.

في عام 2015، سنحت لكومان فرصة سانحة للانتقال إلى بايرن ميونيخ، حيث وجد المناخ المثالي لإطلاق العنان لإمكانياته. وأصبح جزءًا لا يتجزأ من الفريق البافاري العريق، وساهم بشكل فعال في تحقيق العديد من الألقاب المحلية والقارية.

كان كومان يصف نفسه قائلاً: "أنا لاعب يعشق التحديات، وأبحث دائمًا عن فرص ذهبية لإثبات قدراتي. أريد أن أكون جزءًا من النجاح، وأعمل بكل تفانٍ لتحقيق ذلك". لم يكن مستواه ثابتًا في البداية، ولكنه كان يعمل باجتهاد على تطوير قدراته باستمرار.

تأتي اللحظة الحاسمة في مسيرة كومان في عام 2020، عندما سجل هدف الانتصار الثمين لبايرن ميونيخ في نهائي دوري أبطال أوروبا المثير ضد فريقه الأم باريس سان جيرمان.

كان هدفًا تاريخيًا، جعله بطلاً في عيون مشجعي الفريق البافاري. وعلق كومان على ذلك قائلاً: "كانت لحظة لا تُنسى، لم أتخيل أنني سأسجل في هذا النهائي، خاصة ضد فريقي السابق. شعرت بمشاعر جياشة، ولكنني سعيد بتحقيق اللقب". كانت مساهمته في هذا التتويج هي الأبرز في مسيرته حتى تلك اللحظة.

على الصعيد الدولي، مثل كومان المنتخب الفرنسي في مختلف البطولات الكبرى، وشارك في بطولات كأس العالم وبطولات أوروبا، وقدم أداءً مشرفًا.

كان كومان يعبر عن شعوره بتمثيل منتخب بلاده قائلاً: "إنه لشرف عظيم لي أن أرتدي قميص فرنسا. كل مباراة هي فرصة لإظهار قدراتي، وأنا فخور بأن أكون جزءًا من هذا الفريق العظيم".

عانى كومان خلال مسيرته من إصابات متكررة، أثرت على استقراره، ولكنه كان يعود أقوى في كل مرة، خاض 55 مباراة دولية، وسجل 10 أهداف، وتوج ببطولة يورو 2020، وكأس العالم 2018.

يقول كومان عن تطوره المستمر: "أنا لست نفس اللاعب الذي كنت عليه في الماضي. أتعلم من أخطائي وأعمل على تحسين قراراتي في الملعب. أريد أن أكون أكثر فاعلية وأكثر حسماً أمام المرمى".

في عام 2023، واجه كومان أزمة صحية، حيث عانى من مشكلة في ضربات القلب، أدت إلى غيابه عن تدريبات بايرن لفترة طويلة. وأشارت التقارير في ذلك الوقت إلى صعوبة عودته لممارسة اللعبة مرة أخرى، إلا أنه خضع لعملية جراحية ناجحة في القلب، وعاد إلى التدريبات بعد فترة نقاهة قصيرة.

وفي حياته الشخصية، تزوج كومان من فيكتوريا كومان، ولديهما أربعة أطفال. الطفلان الأول والثاني من عارضة الأزياء سيفورا جوينيان، وبعد اعتدائه عليها في عام 2017، أقر بالذنب وتم تغريمه بمبلغ 5 آلاف يورو كتعويض. أما الطفلان الثالث والرابع فهما من صديقته سابرينا، ولديهما شقة في ستوكهولم.